بسم الله الرحمن الرحيم
ستفتح المدارس والجامعات أبوابها لأجل عبادة وأعظمها شرفًا، فبها فُضل آدم على الملائكة، وبها نال الرفعة قوم دون غيرهم {يَرْفَعُ اللّه الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}، بل إنّ معرفة اللّه والإيمان به لا تتأتّى إلاّ بالعلم {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّه}.
والعلم هنا ليس فقط علم الشّريعة كما يتوهّم بعض الجهلة بالدِّين، بل هو بمفهومه المطلق والشّامل كلّ علم نافع للدِّين والدنيا معًا.
وفضل طلب العلم وشرف أهله في القرآن الكريم وسُنّة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ما لا يمكن حصره، وحسبنا في ذلك كلّه أنّ أوّل ما نزل من القرآن الكريم في أوّل اتّصال بين أمين الوحي جبريل وسيّدنا محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم الأمر بالقراءة والعلم مع ذكر أدواته ووسائله {اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق..}.
بمناسبة الدخول المدرسي
دعوة الأبناء للجِدّ والاجتهاد والتخلق
الاثنين 09 سبتمبر 2013 الشيخ عبد المالك واضح*
kaheel7.com
يقول عمر بن عبد العزيز رحمه الله معبّرًا عن طموحه: “إنّ لي نفسًا توّاقة، تمنّت الإمارة فنالتها، وتمنّت الخلافة فنالتها، وأنا الآن أتوقّ إلى الجنّة وأرجو أن أنالها”.
الدراسة متعة، المرحلة الدراسية من أمتع لحظات الحياة ولا يعرف متعتها إلاّ مَن مرَّ بها والتحق بغيرها، متعة التعلّم لا تضاهيها متعة في الحياة، وخصوصًا عندما ترتبط عند صاحبها بالعبادة، فطالب العلم عابد لله، وما أجمل متعة العلم مقرونة بمتعة العبادة، الدراسة وطلب العلم متعة تنتهي بالنّجاح، وتتحوَّل لمتعة دائمة حين تكلّل بالنّجاح.
أخْلِص النّية لله، واجعل طلب العلم عبادة، تذكّر دائمًا أنّ التّوفيق من الله والأسباب من الإنسان، احذف كلمة “سوف” من حياتك، ثق بتوفيق الله وابذل الأسباب، ثق في أهمية العلم وتعلّمه. عليك بُنَي أن تملأ نفسك بالإيمان والأمل، الإيمان بالله أساس كلّ نجاح، وهو النّور الّذي يضيء لصاحبه الطريق، وهو المعيار الحقيقي لاختيار النّجاح الحقيقي، الإيمان يمنحك القوّة، وهو بداية ونقطة الانطلاق نحو النّجاح، وهو الوقود الّذي يدفعك نحو النّجاح.
الطموح كنز لا يفنى، لا يسعَى للنّجاح من لا يملك طموحًا، فكن بُنَي طموحًا، وانظر إلى المعالي. العطاء يساوي الأخذ، النّجاح عمل وجد وتضحية وصبر، ومن منح طموحه صبرًا وعملا وجِدًّا حصد نجاحًا وثمارًا، فاعمل واجتهد وابذل الجهد لتحقّق النّجاح والطموح والهدف، فمن جَدّ وَجَد ومَن زرع حصد. اعلم بُنَي أنّك تملك طاقات كبيرة وقوى خفية تحتاج أن تزيل عنها غبار التّقصير والكسل، فأنت أقدر ممّا تتصوّر، وأقوى ممّا تتخيّل، وأذكى بكثير ممّا تعتقد، اشطب كلّ الكلمات السّلبية عن نفسك من مثل: “لا أستطيع”، “صعب عليَّ”، وردِّد باستمرار: “أنا أستحق الأفضل”، “أنا مبدع”، “أنا ممتاز”، “أنا قادر”، فالنّجاح هو ما تصنعه، النّجاح شعور، والنّاجح يبدأ رحلته بحبّ النّجاح والتّفكير بالنّجاح، فكر وأحبّ وابدأ رحلتك نحو هدفك.
النّاجحون لا ينجحون وهم جالسون كسالى قاعدون لاهون، ينتظرون النّجاح، ولا يعتقدون أنّه فرصة حظ، وإنّما يصنعونه بالعمل والجدّ والتّفكير والحبّ واستغلال الفرص، والاعتماد على ما ينجزونه بأيديهم.
لا تخش الفشل، بل استغله ليكون مَعْبرًا لك نحو النّجاح، لم ينجح أحد دون أن يتعلّم من مدرسة النّجاح، انظر إلى أديسون مخترع الكهرباء لقد قام بـ 1800 محاولة فاشلة قبل أن يحقّق إنجازه الرّائع، ولم ييأس بعد المحاولات الفاشلة الّتي كان يعتبرها دروسًا تعلم من خلالها قواعد علمية.
تذكّر بُنَي: أنّ الوحيد الّذي لا يفشل هو من لا يعمَل، وإذا لم تفشل فلن تجدَّ، فلا تخف من الفشل، ولا تترك محاولة فاشلة تصيبك بالإحباط، فما الفشل إلاّ هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النّجاح.
عليك بني أن تكتشف مواهبك لتستفيد منها، فلكلّ إنسان مواهب وقوى داخلية ينبغي العمل على اكتشافها وتنميتها، ومن مواهبك الإبداع والذّكاء والتّفكير والاستذكار والذّاكرة القوية، ويمكن العمل على رعاية هذه المواهب والاستفادة منها بدل أن تبقى معطّلة في حياتك.
احذر رفقاء السُّوء وقَتَلَةَ الوقت، نظّم كراستك لترتاح في مذاكرتك، أدّ واجباتك وراجع يومًا بيوم، صنِّف المواد حسب المواضيع وحسب البساطة والصعوبة تَسْهَل عملية الاستذكار من أجل حفظ مُتقن، صمِّم على تسميع ما ستحفظ، افهم ثمّ احفظ، قسِّم النّص إلى وحدات ثمّ احفظ، وَزِّع الحفظ على فترات زمنية، كرِّر ثمّ كرِّر، ثمّ كرِّر، واعتمد على أكثـر من حاسة في الحفظ، وأخيرًا بُنَي تَجنَّب المعاصي، واعْمَل بقول الإمام الشافعي رحمه الله:
شَكَوْتُ إلَى وَكِيع سُوءَ حِفْظِي
فَأَرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ الْمَعَاصِي
وَأَخْبَرَنِي بِأنَّ الْعِلْمَ نُورٌ
ونُورُ اللهِ لاَ يُعْطَى لِعَاصِي
*إمام مسجد عمر بن الخطاب
بن غازي - براقي